يبدو أنّنا ..
لَم نُدرك حجم الحُبّ الذي سَكَنَ فؤاد النَّبِيِّ لنا، حجم الحرص و الاهتمام و العمل الدؤوب، حجم نبضات قلبه المتسارعة و خطواته الواثقة و قراراته الصائبة، و لحظاته المليئة بِنَا
لم نُدرك حجم الهّم فيه و الهمّة بِه و المُهمة التي قادها العظيم ليبني أفكارًا لا تموت و عقيدةً لا تلين، و أجسادًا لا تُرهقها حياة فارغة!
كُلّ دقيقة عاشها كُنَّا نحن وكنتَ أنتَ نتيجةً لها و لآثارها، ما عاشَ يومًا لنفسه، ما فَكّر لسنةٍ واحدة، ما صَنَع قلبًا واحدًا، ما رأى موضع قدميه برأسه السّامق العالي! ما قادَ أجسادًا فارغة من عقولها، ما زرع نبتةً تموت. ما ماتَ زرعه بموته
كُلَّ قراءاتك في تنمية الذات، في البحث عن هدف، في القيادة والإدارة والأفكار، في الخروج من الصندوق، ومن الضيق لفُسحة الأمل، كلها كلمات وَضَع النَّبِيُّ نقاطها، وكتَبَ في نهاية سطركَ الأخير"أُمَّتي أُمَّتي" ليزرع فيكَ حرصًا ألّا تعيشَ لنفسك، وتسُدّ ثغرتك متواريًا عن مدحٍ يُفْسِد قلبك و ضوءٍ يُعمي البصيرة فيك.
كل محاولاتك جيّدة ما دمتَ صادق الطَّلب مُحْسن السَّعي، مرابطًا على ثغرةٍ تُعاهدُ الله على سدّها ما استطعت، لا يُضيع الله أجرَك و لا يَنسَى اسمك و لا يُخزيك ابدًا! يرعاكَ في بطن الحياة وحُوتها و بئر قسوتها، يصنعك على عينه أميرًا في الظِّل عاملًا في زحام الحياة ساقيًا كل روحٍ، ساعيًا ترجو رضاه، وجمالُ الأمر سرٌ يداعب قَلبك!
كفكف دمعكَ بِيَدِ البناء، و كُفَّ البحث عن بطلٍ يُنقذُك و معجزةٍ تنتزعك مما أنتَ فيه، ولا تجعل أحدًا يُشفق عليكَ فما إشفاق قَلبك إلا عليه! أشفق على نَفسك يوم تُعرض صحائفك فارغةً من الأثر مليئةً بغُبارٍ منثور لا يصمد لحظة!
من اليوم، لا بل من الآن دَع عنك كلّ تأثُّرٍ لحظيٍ، واترك تساؤلات قَلبك المسكين، وانسَ آراء الناس فيك، وارمِ خلف ظهرك كل ماضٍ لا يُشبهك، و امضِ فالطّريق الى الله لا يحتاجُ دليلًا سواه، بسجدةٍ صادقة، ودعوةٍ تحمل كل آلام الحياة، ودربٍ جديدٍ مهما طالَ تبرد قسوته بشربة ماءٍ من يده! أليس الحُبّ اتّباع ؟ فاتَّبِع ولا تبتدع، وأبدِع بالحُبّ عَمَلًا واقتصد في قولك و ازرع فسيلتك.
تذكّر دائمًا «لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا»
• فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ = السّر، الظّل، الخبيئة التي لا يراها النّاس، قلت لك سابقًا قلبك هو لُبّ المسألة، أقِم تَقُم.
• فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ = الثبات في قلب الارتجاف، والطمأنينة حين ازدياد القلق، والرّاحة وسط مكامن التّعب
• وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا = فتحًا للقلوب، والعقول، والمسارات، فتحًا لمغاليق الفهم والعلم والعمل .. فتحًا قريبًا فلا تَخَف.
• والسّر الأعظم بين هذا كلّه «لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ»
وذاك مقام العارفين السائرين، الذين صدقوا الحُبّ فما لانَت بهم الخطى ولا مالَ بهم الطريق، فالحبيب قريب 💚
يا رسول الله .. مُقصّرٌ دائمًا، لكنّي أُحبّك.
#تمكين
تعليقات
إرسال تعليق