علّمني يا الله..
أن أقِف حالَ الميل، وأن أميل عن اعوجاجٍ لا تُحبّه، وأن أستقيم بك وحدك، علّمني أن أخوض معارك ذاتي دون إعلان، دون كثير بَوحٍ وقليلِ التزام، أن لا أهون على نفسي ساعة، ارفعني بعيني مستترًا برحمتك، لا مرفوعًا برياء، وأخفِض بي حرارة الظهور، ونار الضُّمور، وأدمِ سترك، وآتِ عفوك، واجعلني قريبًا منك دالًا عليكَ غيرَ ساكن الهمم.
علّمني أن أرى.. أن أُبصِرَ ذاتي، أن أعِيَ دواخلي وأفهم مقاصدي، لأعبُرَ طريقًا بلا عثرة، أن أسُدّ ثغرة، خُذ بيدي أخذَ الكرام عليك، علّمني رسمَ الدَّرب، ورجاء القُرب وغاية الحُبّ، ولا تجعل رانًا يحُفُّ قلبي فلا أراك، ولا خدشًا يُصيب روحي، ولا فتورًا يطفئ همّتي، ولا تنازلًا أرضاه اليوم ويخذلني غدًا.
علّمني ان أُحبّ الناس، أن لا أمَلّ غرسًا، ولا أهمل حرصًا، ولا أخدش نَفسًا، أن أكون حِسًا بملمسٍ مُخمليّ، وصوتًا رَضيّ، ونفحةً عابرة، و رحمةً من قبسِ رضاك، علّمني أن أكون سِرًا لا يُفتَح، وسترًا لا يُفضَح، وجسدا لا يبَرح، علّمني الصّبر راضيًا برؤاك، فهّمني الفرقان وآياته، واسقِني بردَ الحُبّ، وجلال الحِلم، وهيبة العِلم، وشغف المتعلم وإرادة المُريد.
علّمني أن أُصلّي لَك لأرانِيَ بكَ هناك، وافتَح عليَّ بفاتحة الكتاب، علّمني أن أسيرَ بها صديقًا شغوفًا، واهدنا صراطًا بكَ يستقيم، علّمني أن أركعَ عالَمًا أوسع، وأسجُدَ جبينًا لا يَمَلّ، ففي السجود وجود، ومن سَجَدَ وَجَد ومَن قَصَدَ حَصَد، علّمني ان أفهم المقصد، وأجني المحصَد، وأرفع القيمة، وأدنو من عليائك البَهيّ وجبروتك القويّ، بقلبٍ مُحبٍ رَضيّ.
علّمني من أسمائك الحُسنى ما يُذيب حاجز الألم، ولا يَحولُ دونَ إبصار النِّعَم، اجعلني ذاكرًا بلُطف، راجيًا بخَوف، مقتربًا بعُنف، وعُنفُ الاقتراب لُطف ..علّمني سيرَ الأنبياء ودربَ الشهداء، أدّبني بهم، هذّبني بمسارِ الاجتباء.. واختبار الاختيار، وجلالَ المسار، أرِني أنظُرُ نعمتك، أشكر رحمتك، أقومُ بك إليك.. علّمني الأدبَ معك، والأدب لك، قوّم نفسي بآية وادفعها بذاتها، ولا تكلني إليها طرفة عين، إنّ العينَ مبصرةُ حُبّك.
علّمني حرصَ محمَّدٍ النّبي، أن أكون ذاك الوفيّ، الذي لا يعيش لذاته الصابرة، ويهدم لذةً عابرة ولحظةً غابرة، أن أكون صاحب قضية وخطىً وفية، صاحب همّة أحيا لأمة، يرى نفسه بالعمل، وإن اختلى اعتلى، جليل الذات في الخلوات شديد الخطى بين الجموع.
علّمني اللُغة لأدعوكَ بإلهامك، لأكتب العالم، لأدرس النّفوس، لأرى بهاء اللفظ وجلال الحفظ، لأذوق الأُنس بك لذّةً لا تزول، لأنطق الحُبّ صحيحًا لا يُكسَر، أريبًا لا يُعرَب، فلا إعراب للحُبّ.. إذ أنَ الحُبَّ لا يُكتَب!
تمكين
تعليقات
إرسال تعليق